حكاية شهيد .. مصطفى خضير عبد حسون، التحق بأخوته الثلاثة  في رحلة وطن لا عودة منها

حكاية شهيد .. مصطفى خضير عبد حسون، التحق بأخوته الثلاثة في رحلة وطن لا عودة منها

 ماس القيسي

شهيد ثورة تشرين يواصل مسيرة التضحية والارتقاء والسمو الروحي على خطى اخوته الذين سبقوه في طريق الشهادة تلبيةً لنداء الوطن، فكان الاكبر مقاتلا في الحرب عام 1984 والثاني مقاوما في فترة الاحتلال الامريكي 2003، والثالث متطوعا ضد ارهاب داعش 2014،

واخيرا اختير هو ليكون ملاكا صنديدا، يلتحق بسرب ثوار الحرية صوب المجد حاملا راية الله اكبر العراقية في ثورته التشرينية 2019.

مصطفى خضير عبد حسون من مواليد 1998، من مدينة الصدر (الثورة) في بغداد، لم يكمل دراسته، هاجر الى تركيا، حصل على اقامة فيها وعمل بائعا في محل تجاري، كان محبا للحياة وعزف الموسيقى وأحب مساعدة الآخرين، قرر ترك عمله والعودة الى بغداد من اجل المشاركة في انتفاضة تشرين الاول/ اكتوبر المنصرم في ساحة التحرير، ويسرد لنا علي كريم حسن (صديقه) عن تحركاته خلال تلك الفترة من التظاهرة قائلا: "مصطفى عاد من تركيا بعد اقامة طويلة هناك، شهد فيها الحياة بوجه مختلف، ثم أتى ليتظاهر معنا في ثورتنا ضد الاحزاب الفاسدة والنظام الفاشي الذي يحكمنا، كان حلمه البعيد ان يرى بلاده تواكب مسار التقدم والازدهار مثل بقية البلدان، هو لم يكن معتصما في الساحة وانما يتردد علينا يوميا ويبقى حتى منتصف الليل، كما ان تحركاته كانت تقتصر على التوجه نحو ساحة التحرير وجسر الجمهورية". 

مؤكدا على انه لم يبتعد بناظره اكثر من تلك المسافة.

مصطفى لم يكن ينوي ابدا ان تطأ قدماه ارض الخلاني وجسر السنك، حتى وقع ما وقع في تلك الليلة الدامية التي تصادف الخميس بتاريخ، 5/12 حين هاجم بعض المسلحين بعرباتهم بيضاء الصبغة سوداء النوايا! تحت عنوان (مجهولي الهوية من الطرف الثالث) ساحة الخلاني وكراج السنك، لاقتحام موقع المدنيين العزل من المتظاهرين السلميين، فاسرع مصطفى نحو مصدر صوت الرصاص الحي العشوائي، ويصف لنا علي ذاك المشهد المفجع قائلا: "ركض مصطفى باتجاه ساحة الخلاني حين سمعنا ان هناك هجوما شرسا بحق اخوتنا، وهو في طريقه رأى احدهم عائدا برايته فارا من المواجهة، فالتقطها منه واخبره (ان انسحابك بالراية سيحبط المتظاهرين، ويسبب في انسحابهم) ملوحا بها هو ورفاقه في سبيل جمع الحشود باتجاه الخلاني والسنك" ونوه علي الى انه لم يرض ان تعود راية بلاده خائبة، بل عليها التقدم واحراز النصر في وجه كل من يعاديها. حين توجه مصطفى ورفاقه باتجاه منطقة الاستهداف في ساحة الخلاني وكراج السنك، حاملا رايته بكل عز وكبرياء، اصابته رصاصة في رأسه، ممن لم تحتمل اعينهم رؤية ذاك الشموخ المرفرف الذي يصعب عليهم اسقاطه، فلم يكن امامهم سوى استهداف حامله قتيلا، اذ قال علي: "مصطفى هو يلوح بعلمه ويهتف باسم العراق وسط الشباب الثائر المحتشد، اطلقوا عليه الرصاص واصابوه في رأسه، ثم فقدناه بعد يومين في المستشفى بتاريخ 7/12"، مصطفى لم يسقط بل ارتقى شهيدا حيا يرزق عند خالقه وفي اعيننا جميعا. شهيدنا مصطفى، يا من اصطفاك الوطن لتحمل رايته الابية، تحلق بها عاليا وتسمو روحك بكلمتي (الله اكبر) على كل من طغى وتجبر واراق دماء طاهرة زكية، جهلا منهم بمعنى ان تسقى تربة عراقنا المشبعة بالذهب الاسود، بماء الذهب الاحمر، لتُنبت نجوما لامعة، مخضرة بحياة الامل، ما يزيدنا ثباتا وصمودا بعنفوان راسخ يأبى الرضوخ والانحناء بوجه اي ريح عاتية.

Top