شهادات عن شهيد الناصرية الذي أعاد الزخم للاحتجاجات

شهادات عن شهيد الناصرية الذي أعاد الزخم للاحتجاجات

 متابعة / الاحتجاج

قبل أن تنتهي الأمهات من نعي أبنائهن في الناصرية، مركز محافظة ذي قار، وتدخل المدينة بهدوء نسبي بعد جولة تصعيد خاضها المتظاهرون، اغتالت مجموعة مسلّحة المتظاهر علي العصمي، ليعود التصعيد من قبل متظاهرين مرّة أخرى.

علي العصمي، مواليد التسعينيات من القرن الماضي، عقد قرانه بعد قصّة حب دامت خمس سنوات، وكان يعتزم الزواج منها بعد شهر، فيما يعمل على سيّارة أجرة في مدينته الصغيرة، ويحضر إلى ساحات الاحتجاج كسائر أبناء المدينة مع شقيقه الناشط الفاعل في الاحتجاج، سلام العصمي. إلى الآن، تفسيرات عديدة حول دوافع اغتيال علي العصمي، مقارنة بدور شقيقه الأكبر سلام ونشاطه وتأثيره بساحات الاحتجاج في الناصرية، وتتأرجح بين خطأ الاستهداف، خاصة وأن سيارتي الأخوين تتشابهان إلى حد كبير، بالإضافة إلى الشكل، فيما يذهب آخرون إلى أنها محاولة جديدة لبث الرعب.

في المتراس الأول على جسر الزيتون يرابط مجموعة من الشباب الذين يحملون لواء الاحتجاج في المحافظة، بحسب علي صبيح، والذي قال إن "مجاميع جسر الزيتون غاية في الشجاعة وشدة البأس حتى أن الكثيرين يخافون الحديث إليهم بأي حلول فيها مفاوضات أو تهدئة لفتح الجسر وبقية الطرق"، مستدركًا "لكنهم يحترمون ويحبون سلام العصمي وكلمته مسموعة بينهم، حيث يقوم بدور كبير من حيث التنسيق وتهدئة الأمور في حال حصول مشاكل".

أضاف صبيح وهو صديق مقرّب لسلام العصمي، شقيق المقتول، أن "علي يملك سيارة تشبه إلى حد كبير سيّارة سلام، بالإضافة إلى شبه الشكل بينهما"، مبينًا أن "ما يعضد تحليل أن الاستهداف كان لسلام، هو أن علي لم يكن ناشطًا مؤثرًا وذهابه إلى الساحات بسياق طبيعي لا يختلف عن باقي الشباب".

وعلّق سلام بعد مقتل أخيه بساعات من صفحته على "فيسبوك": "من قتلتموه أخي الصغير، وليس أنا، بعد كم شهر زواجه"، فيما يظهر تصوير فيديوي والدة العصمي تنعاه وهي تهتف "نموت عشرة نموت مية نبقى قافلين على القضية". ويروي علي صبيح، عن سلام بعد مقتل أخيه حيث رافقه إلى مقبرة وادي السلام في محافظة النجف، أنه "وقف وسط مدينة الناصرية أمام الحشود التي حضرت تشييع علي، وأخذ الحديث بصوت جهوري، وبلا أي انكسار أو دمعة، شد من أزرهم معلنًا عدم تراجعه عن الاحتجاج، واستمراره بالمطالبة بالحقوق، معبرًا عن "فخره بأن ينضم شقيقه إلى قائمة ضحايا الثورة إلى جانب أخوته وأصدقائه".

قال المتظاهر حسن الأسدي، إن "عشرات الشباب انطلقوا بشكل عفوي وهستيري بعد سماعهم باغتيال العصمي على مقار أحزاب مدمرة أصلًا جرّاء الحرق في الفترة الماضية، بالإضافة إلى مقر فوج المهمات الخاصة، ومنزل رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة".

أضاف الأسدي أن "المحتجين أدركوا بعد جولة الحرائق هذه، أنها لن تؤثر بشكل عملي، ما جعلهم يلوحون بتهديد مشاريع تجارية وشركات معروفة بأنها تابعة لسياسيين وقيادات حزبية عليها شبهات فساد، وهذه الخطوة مرهونة بأي حالة اغتيال أو اختطاف تشهدها المدينة، بالإضافة إلى أنها رسالة واضحة للأجهزة الأمنية والاستخبارية بأن تأخذ دورها في ملاحقة ومتابعة مرتكبي هذه الجرائم". أوضح أن "هذا الدم الذي سُفك في المحافظة جعل الجميع يتحشد في وجه السلطة والأحزاب المساندة لها، حتى اللذين لم يتعاطفوا مع الاحتجاج منذ انطلاقته أو كانت لديهم مخاوف، هم اليوم يقفون بالضد من أي محاولة تبرير للسلطة".

Top