تحدّثت عن خطوتها المقبلة.. من هي المتظاهرة صاحبة الصورة “الأكثر تداولاً”؟

تحدّثت عن خطوتها المقبلة.. من هي المتظاهرة صاحبة الصورة “الأكثر تداولاً”؟

 زهراء سعدون

بعد قيام القوات الأمنية أواخر كانون الثاني الماضي بنشر صور متظاهرين مُعتقلين أجبرتهم على حمل لافتات تُظهر معلوماتهم (على طريقة المتهمين بجرائم)، أطلق ناشطون “تحدياً” نشروا فيه صورهم ومعلوماتهم في محاكاة لسلوك القوات الأمنية 

ودعماً للشبان الذين أظهرت القوات وجوههم بطريقة اعتُبرت “مُهينة” وغير قانونية وفقاً لمختصين. زينب الربيعي، كانت من أولى المشاركات في الحملة، قبل أن تتفاجأ بأن صورتها أصبحت “الأكثر انتشاراً” على مدى عدة أيام، صفحات التواصل استمرّت بتداول صور “زينب”، والمعلّقون والصفحات تداولت وشاركت “عشرات آلاف المنشورات” عن المتظاهرة، وبينما ركّزت غالبية التعليقات على “المتظاهرة الجميلة.. أو الأجمل”.. يبدو أن لدى “زينب” ما تقوله بعيداً عن “شعرها المجعّد، أو عينيها الواسعتين!”.

يرتبط اشتراك زينب في التظاهرات بذكرى أليمة، حيث شاركت للمرة الأولى في تظاهرات تشرين بعد انطلاقها بـ 29 يوماً، وذلك إثر مقتل الناشط العراقي صفاء السراي بقنبلة غازية أطلقتها القوات الأمنية.

في حديث لها ” تقول زينب “بدأت بالمشاركة في تظاهرات التحرير بعد استشهاد صديق عزيز، هو صفاء السراي، وبعد ليلة استشهاده، 29 تشرين الأول، واظبتُ على المشاركة في تظاهرات التحرير، أما قبل ذلك التاريخ، فقد كنت مشاركة دائمة في اعتصامات جامعتي”.

الربيعي وهي من مواليد العام 1998، تدرس في أحد الأقسام الذي قد يؤهلها بشكل مباشر لتكون جزءاً من صياغة مشهد “عراق ما بعد تشرين”، فهي طالبة في كلية العلوم السياسية، وتزامنت احتجاجات تشرين مع عامها الدراسي الأخير في الكلية.

لا تخفي “زينب” تفاؤلها بدور قريناتها الفتيات والنساء رغم ما تواجهه الاحتجاجات من تحديات متلاحقة، تقول “كانت النساء ومازلن سنداً للرجل في كل أمور الحياة ومن ضمنها التظاهرات والثورة، شاركت النساء بشكل فاعل في مساعدة المحتجين الذين كانوا يواجهون القنابل في الصفوف المتقدمة، قمن بالتنظيف وطبخن الطعام وأسعفن الجرحى وقدمن المساعدة المادية والمعنوية، وكذلك في مجال التوثيق عن طريق تصوير ما يجري، فضلاً عن مجالات الرسم والشعر”.

تبيّن “كان دوراً مميزاً ولذلك صمدت الثورة كما لم يكن يتوقع خصومها، لكن برأيي دور المرأة أصبح أقوى خلال الفترة الأخيرة وذلك بسبب الوعي الذي بدأ يتطور بشكل متسارع في مجتمعنا العراقي”.

تضيف “في الماضي، لم يكن هناك فتيات ينشرن صورهن على صفحاتهن الخاصة في وسائل التواصل، فضلاً عن التفكير بالمشاركة الفاعلة في أحداث كبيرة مثل التظاهرات!، أنا مثلاً لم أكن أنشر صوري، أو أنشر جزءاً منها أو أقوم بتغطية وجهي في وسائل التواصل، لكن ما لاحظته بعد تظاهرات العام 2015 هو أن المجتمع بدأ يأخذ منحىً متصاعداً نحو التغيير والتخلص التدريجي من العادات البالية، والتي يندرج كثير منها من موروثات قديمة، لكن في النهاية، نحن لسنا أول بلد يعاني بهذا الشكل ثم يتحرر مجتمعه تدريجياً، ما أريد قوله هو أن حِراك تشرين الذي رفع شعار الوطن، والحرية، كان حراكاً متعدّد الوجهات، التحرر من الفقر وسوء أوضاع البلاد وانعدام الخدمات وهيمنة طبقة سياسية محدودة على كل شيء تقريباً، كان جزءاً رئيساً من دوافع تشرين، لكن النساء اللاتي تقدمن في الساحات، كانت لديهن أيضاً همومهن الإضافية، والتي سعين لإزالتها”.

تتابع “أغلب دوافع التضييق على النساء العراقيات كانت بسبب العادات غير المنطقية ولا القانونية، لكن هناك جزءاً مهماً آخر لا يمكن غضّ الطرف عنه، وهو عبودية المرأة للرجل برضاها، بعض النساء يعتقدن أنه من الطبيعي أن تكون “عورة” وغير فاعلة في المجتمع، وأن لا يُسمح لها بكثير من الأشياء، بل وتشجع غيرها من النساء على الانزواء عن الشؤون العامة، وأن تكون وظيفتها في الحياة الزواج والمطبخ وتربية الأطفال والأعمال المنزلية، هذه مهام قامت وتقوم بها الأمهات والزوجات على مدى التاريخ، لكن لم يعد مقبولاً أن تُمنع المرأة من التحرك خارج هذه المهام”.

تتابع زينب “صحيح أنكم ربما رأيتم اللآلاف من التعليقات على صور مشاركتي في التظاهرات، من التي تُطري على الجمال مثلاً أو هذه الزوايا، لكنّي في الحقيقة تلقّيت الكثير من تعليقات التهجّم، ومن نساء للأسف الشديد، من قبيل “مكانك البيت، شطلعج تظاهرات، صوني شرفج، ليش ناشرة صورج، أنتِ لا تمثلين المتظاهرين العفيفين، بنت السفارة، جوكرية وو الخ “.. هذا كان يؤلمني جداً، لأنه يصدر من نساء يُفترض أن يكنّ أول مَن يساندني ويساند صديقاتي في الساحات، لكن في النهاية، هؤلاء يمثلون جزءاً بسيطاً لا يكاد يؤثر على التظاهرات، ودور المرأة الكبير فيها، كنت سعيدة بدعم الأغلبية من الجنسين لي ولبقية المتظاهرات في الساحات والسوشيال ميديا، في النهاية، الفتيات والطالبات تعرضن مثل أقرانهن الشباب للرصاص، وللضرب، والاعتقال، والهروات والتخويف والتشويه والطعن بالسمعة والأخلاق وشتى الاتهامات”.

تختم الربيعي، “طموحي يشاركني فيه الكثير من قريناتي في الساحات، وهي أن أكون (Successful business woman) وأن أُصبِح ناشطة مؤثرة محلياً ودولياً، أما أكاديمياً، فإني أطمح إلى إكمال دراستي وأنال الماستر في مجال العلوم السياسية في جامعة بريطانية:

أعمل على هذه القضية خاصةً وأني اقترب من التخرج، هناك مَن كان يعتقد أني أقيم خارج العراق، لا أدري لماذا، أنا أقيم في عاصمة بلادي، وحين أُكمل مشواري الأكاديمي، أسعى للعودة إلى البلاد والعمل في كادر وزارة الخارجية، وفقاً للنظام السياسي الحالي فقد أحتاج لمعجزة من أجل نيل هذه الوظيفة، لكن الأمل في “عراق ما بعد تشرين” هو أن يكون عراقاً جديداً يستحق ما بُذل من أجله من دماء، دماء صفاء وغيره من الشباب في كل المدن والساحات”.

Top