الاستهداف يطال الشباب المؤثرين..شهداء احتجاجات تشرين.. أغلبهم مثقفون وناشطون مدنيون

الاستهداف يطال الشباب المؤثرين..شهداء احتجاجات تشرين.. أغلبهم مثقفون وناشطون مدنيون

 زيد سالم

تشير الإحصاءات غير الرسمية في العراق إلى أن أعداد شهداء الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول الماضي بالعراق، تجاوزت 600 قتيل وأكثر من 25 ألف جريح، ولا تزال أعمال العنف والاغتيالات والاختطاف والإخفاء متواصلة في بغداد.

وتتورط بالاغتيالات أجهزة أمنية مختلفة أبرزها جهاز الأمن الوطني، الذي يديره فالح الفياض، وأخرى تقوم بها فصائل مسلحة داعمة للحكومة العراقية ومنضوية في "الحشد الشعبي"، الذي يديره الفياض أيضاً.

وخلال الشهرين الماضيين، وقعت أعمال العنف ضد المتظاهرين، وكان القتل لا يستهدف محتجا دون آخر، فجميعهم يتبعون أجندات خارجية، بحسب الرواية التي تتبناها أطراف في الحكومة وأحزاب وجماعات مسلحة، ولكن بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هدأت الأوضاع فيما بقيت عمليات الاغتيالات مستمرة، للمحتجين.

وتشير التقديرات في العراق، إلى أن الجماعات المسلحة وحتى قوات الأمن تهدف إلى تحطيم "رموز الاحتجاج" وهم المثقفون والمدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تهدف إلى الإطاحة بالشعراء والصحافيين، وأخيراً المطالبين بدولة "علمانية" وفق مقاييس بناء الدول الحديثة التي تحترم الحقوق والحريات.

ولعل أبرز الرموز الذين سقطوا بنيران القوات العراقية المجهولة، هم صفاء السراي، وهو شاعر من بغداد، بات اليوم أبرز الشخصيات التي تمثل روح الانتفاضة في البلاد، أعقبه فاهم الطائي، وهو ناشط معروف من مدينة كربلاء، وليس انتهاءً بالناشط ثائر الطيب. وكان لمقتلهم أثر كبير على المتظاهرين، وهو ما فضح ما اعتبر خطة مسبقة في استهداف المثقفين والمؤثرين بالتظاهرات، التي حققت لغاية الآن هدفين من مشروعهم، الأول تمثل باستقالة عبد المهدي، والثاني بإقرار قانون الانتخابات الذي صممه المحتجون.

وبحسب مصادر بصفوف المتظاهرين وأخرى من وزارة الصحة العراقية، فإن "خريجي الكليات العاطلين عن العمل، والذين لم يحصلوا على وظائف بعد تخرجهم، في المرتبة الأولى من حيث ضحايا قمع الاحتجاجات، يجيء بعدهم طلبة الكليات والمعاهد والمدارس، ثم الناشطون والمدونون والشعراء الذين كان لمقتلهم الوقع الأقسى على المحتجين، ثم يأتي الشبان العاطلون عن العمل من غير الخريجين، ثم أصحاب الأعمال الحرة والكسبة الذين شاركوا بأعدادٍ كبيرة، وأخيراً تجيء شريحة النساء".

وقالت المصادر إن "وزارة الصحة تعتمد في تقديرها أعداد قتلى الاحتجاجات بناءً على شهادات الوفاة التي تصدرها الشُعب والأقسام المرتبطة بها، وبالتالي فهي لا تعلن عن الأعداد الحقيقية بالنظر إلى أن عشرات المتظاهرين تم اختطافهم وتصفيتهم ولم تتوفر جثثهم بعد ذلك، وحدث ذلك في الناصرية وبابل، وبعض المتظاهرين في بغداد، إذ لا يزال العشرات منهم مفقودين وهم في عداد القتلى بعد مرور أكثر من شهرين على اختفائهم"، مبينة أن "قتلى التظاهرات في العراق تجاوزوا 600 قتيل منذ اندلاع التظاهرات ولغاية الآن تستمر عمليات الاغتيال والملاحقات للمحتجين البارزين في المدن، ومنهم الصحافيون والمصورون والمدونون".

في السياق، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، إن "مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمر منذ بداية التظاهرات في البلاد وزارتي الصحة والداخلية بعدم الإفصاح عن الأرقام الحقيقية لضحايا الاحتجاجات من أجل منع التدخل الدولي وتوريط الحكومة وقوات الأمن في جرائم القمع التي طاولت المتظاهرين السلميين، ولذلك فإن اللجنة تعتمد على بيانات المنظمات المدنية المحلية والمتظاهرين في إحصاء أعداد القتلى".

وأشار إلى أن "السلوك الحكومي في التعامل مع المحتجين كان خاطئاً، ولا تزال غالبية القرارات التي تأخذها الحكومة في سبيل معالجة الأزمة وتنفيذ مطالب المحتجين غير صحيحة، كما أن الأوامر العسكرية والقضائية الرسمية بشأن ملاحقة المتورطين بقتل المتظاهرين واعتقال الجماعات المسلحة المختصة باغتيال الناشطين طليقة ولم تتمكن الحكومة من اعتقال أي قاتل".

بدوره، أشار الناشط علي سالم، وهو من مدينة كربلاء، إلى أن "كربلاء تعد ثاني محافظة عراقية بعد العاصمة بغداد بعدد حالات الاغتيال التي استهدفت ناشطين ومدونين وصحافيين، حيث تجد المليشيات أن الناشطين لهم خطورة كبيرة على مناصبها ومصالحها، كما أنها لا تزال على قناعة بأن كل المتظاهرين الذين يخرجون في الساحات يرتبطون بدول الخارج، وتحديداً السعودية وأميركا"، مؤكداً أن "كل ما يتم الإعلان عنه عبر المؤسسات الرسمية للدولة بشأن ضحايا الاحتجاجات أرقام غير حقيقية، ولا أحد يعرف الحقيقة لأن عمليات التصفية الجسدية للمتظاهرين لا تزال مستمرة، ولم تتوقف بالرغم من وعود الحكومة وتدخل مرجعية النجف التي طالبت بمنع استمرار حالات الاغتيال".

Top