رهان أزيز الرصاص المخاتل وقوة استمرارية إرادة التغيير ووحدة الموقف..

متظاهر 2019/12/17 09:37:10 م

رهان أزيز الرصاص المخاتل  وقوة استمرارية إرادة التغيير ووحدة الموقف..

 بقلم متظاهر

بعد كل التطورات التي شهدتها البلاد، وما عكسته من رفضٍ وإدانة للطبقة السياسية المتنفذة ومطالبتها بالرحيل. تظل رموزها على عنادها وتعنتها وتماهيها مع أوهامها بالبقاء.

وعلى غرار كل مستبدٍ متخلفٍ، تتجاهل ما يتحرك على ارض الواقع وما يرسمه من مشهد مغاير لرؤيتها القاصرة. إنها تغامر بالمراهنة على ما في ترسانة السلطة وأجهزتها الامنية من ادوات القمع واساليب الترويع بارتكاب المجازر والاغتيالات والتغييب في المعتقلات السرية. وتعتمد على قهر الانتفاضة وإجهاضها باللعب على عامل الزمن وما قد يشيعه من وهنٍ وضمورٍ وتآكلٍ في حواضن ساحات التحرير والتغيير، من حيث الحضور، والزخم، والعنفوان، وجسارة المواصلة بالتحدي السلمي. 

ومن بين مناوراتها المفضوحة، سعيها لاستدراج المنتفضين عن منطقها العام باعتبارها حراكاً تغييرياً ومنصة للاصلاح. تتحدد فيها الاهداف والمعايير والتوجهات. دون الدخول في مزادات التنافس على ترشيح بدائلها لمنصب رئيس الوزراء او اي مسؤولٍ آخر. فمعاييرها للمسؤولية واضحة لا لبس فيها ولا غموض. يُعيد الناطقون باسم الحاكمين التأكيد عليها في وسائل الاعلام والصراع الداخلي بين اطرافها لأغراض التسقيط المتبادل. فالهدف من اتهام المتظاهرين من البعض الذي لا يخلو من الشبهة هو توريطهم بالانزلاق الى صراعٍ ثانوي. في حين تستلزم اللحظة الانعطافية الحرجة التأكيد على وحدة الارادة والموقف والهدف المباشر. فالانتفاضة التَمَّت على نفسها من رحم التظاهرات المطلبية التي واجهتها بالرفض والقوة المفرطة اجهزة السلطة القمعية لترتقي من حركة احتجاجية جماهيرية مطلبية الى انتفاضة سياسية -اصلاحية لا تتحقق فيها شروط الاصلاح دون إنقلابٍ بنيويٍ سلميٍ في كيان العملية السياسية وادوات طبقتها الفاسدة. وتأسيسا على طبيعتها، بوصفها حركة شبابية مستقلة تعددية المشارب والانتماءات الفرعية، بلا إطار حزبي وفكري موحد. عليها ان تحافظ على وحدة مواقفها واهدافها التي تجسدها "نريد وطن". واذا كان شعارها الاول قد تمثل في اسقاط الحكومة، فلأن المطالبة كانت ضرورية للانتقال الى شعار التغيير وشروطه ومعاييره. وقد تحقق لها ذلك عبر ما أعلنته من معايير وتوصيفات. وينبغي الحفاظ على هذا النسق المطلبي. وترقب ما سيطرحه البرلمان "ما دام لم يحل بعد" من ترشيحات وقوانين ومدى تطابقها مع معايير الانتفاضة. وعلى جمهور الساحات والخيم تفنيد ما تثيره وتتداوله مجسّات السلطة ورجالات أحزابها حول مخاطر الفراغ الدستوري، أو التجاوز على مبادئه وآلياته. وكأنها كانت أمينةً على حياض الدستور ومبادئه ومقتضياته. وهي التي انتهكته بانتقائيتها، والتلاعب بتفسير مبادئه ومضامينه وفقاً لمصالحها الضيقة، وهي التي عطلت تشريع غالبية فصوله ومواده بقوانين ملزمة، وبما يحول دون مساءلتها عن ارتكاباتها ووضعها أمام القضاء والمحاسبة البرلمانية. والسلطة التشريعية نفسها، هي من ينتهك الدستور ويعَطِّل آلياته ومبادئه ويغطي على جرائم القيادات المتنفذة ونهب المال العام والفساد بكل مسمّياته، بل هي حاوية ومرآة و"معقلاً حصينا" للفساد وحيتانه ورموزه.

إن ساحات الاعتصام والحرية اصبحت مرآةً لإرادة الشعب. وهي كذلك بقوة تمثيلها الطبقي والفئوي والطائفي والاجتماعي، وبزخم ملايين العراقيين الذين يشاركون فيها، تظاهراً، وتأييداً، واعتصاماً. وفي أي مجتمع غير شمولي او مستبد تكفي هذه التعبئة الشعبية العفوية كاستفتاءٍ على اسقاط اي حكومة وإزاحة اي حزب سياسي والحكم عليه باقصاء نفسه عن الحياة السياسية. والقوة التمثيلية للانتفاضة من حيث العدد والزخم والعنفوان الجماهيري تُشكل أكبر إدانة للطبقة المتنفذة بأحزابها وزعاماتها وبرامجها، التي لم تحصل في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بجميع قوائمها على نسبة ضئيلة من ٢٠٪ ممن شاركوا في التصويت.!!

وتبقى للانتفاضة بعد كل ذلك قوة لا تُضاهى:

دم مئات الشهداء، 

وآلاف الجرحى والمصابين، 

والمغدورين بالاختطاف والاغتيال:

وهذا هو صوت الجواهري الكبير يحيي بسالة شهداء انتفاضة الاول من اكتوبر وهي تتواصل وتتوسع وتزداد عنفواناً، من منصة وثبة كانون ١٩٤٨ 

ويذكّر حكام اليوم :

أتعلم أم أنت لا تعلم بأن جراح الضحايا فمُ

فليس كالمدعي قولةً وليس كآخر يسترحمُ

يصيح على المدقِعينَ الجياع أريحوا دماءكم تُطعموا

فأي رهانٍ خائبٍ على تفكيك الانتفاضة وإجهاضها...

Top