كيف للفساد أن يُجتَث ورموزه يتمترسون في البرلمان ..؟

متظاهر 2019/11/22 08:33:40 م

كيف للفساد أن يُجتَث ورموزه يتمترسون في البرلمان ..؟

يكتبها : متظاهر

تواصل  الحكومة ومن خلفها الآباء المؤسسون لنظام المحاصصة والفساد وإرتهان سيادة  الوطن لعبة "الغُميضة" مع ساحات الاحتجاج والكرامة الوطنية، حين تواصل  تجاهلها لمطالب المنتفضين وتدّعي عدم وضوحها وغياب من يمثلها للحوار  والتفاضل. وكأن دم الشهيد قابلٌ للتفاوض !

فمع بواكير انطلاق حركة أكتوبر الاحتجاجية ، أصبحت شعاراتها وأهدافها واضحة لا تحتمل الالتباس أو الغموض، ولم تكن في مضامينها حمّالة أوجه. ويكفي لمن يريد تحسس نبض المنتفضين أن يتابع " معلقات " ساحات التحرير وميادينها الممتدة على مساحة العراق " المشاركة في الانتفاضة أو المترقّبة " ليلمس الحقيقة ويحفظ معانيها عن ظهر قلب . فليس لإسقاط الحكومة أو قانون انتخاب جديد ومفوضية نزيهة لها لا تحتمل غير معنى واحد في جميع اللغات والقواميس . وحين يصبح أي نظام فاقدٍ للشرعية من وجهة نظر الرأي العام ، وينتفض المجتمع بأغلبية اتجاهاته وتعدّد مشاربه وتياراته الفكرية والسياسية، فأن المعنى يصبح مطلقاً لا يتطلب أي تفسيرٍ أو يحتاج إلى حوارٍ ووفد مفاوض . والأمم المتحضرة الديمقراطية، تُنزع الشرعية في ظروف الأزمات من زعمائها وممثليها وأحزابها الحاكمة، لمجرد ظهور تراجع نسبة أنصارها في مؤشرات إستبيان لإتجاهات الراي العام .

لكن إستباحة دماء الآلاف وأرواح المئات من أبناء شعبنا بدم بارد ، تتزايد كل يوم في شوارع وساحات البلاد لا تكفي برهاناً على بطلان صلاحية طغمة حاكمة عاثت في البلاد قهراً وفساداً وتخريباً وتمريغاً للكرامة وضياعاً للوطن ، وتظل رموزها تطالب بإعطائها حبل النجاة للخروج من الأزمة ، وإعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها وأدوات تكريس سلطتها .

وفي مواجهة هذا التسويف والتلاعب والمماطلة بذريعة غياب زعامة أو وفدٍ مفاوض للانتفاضة التي باتت بكل المواصفات ثورة شعبية للمرة الأولى في تاريخ العراق ، صاغ المنتفضون بعقلهم الجماعي ، وفرادة لم تشهد لها مثيلاً في كل الحركات الاحتجاجية التي شهدتها البلدان العربية في ربيعها الموءود المجهَض ، رداً ثورياً مبتكراً لا بلاغة بعد مضمونها في الافصاح عن أهدافها، ولا رد لحجتها في فضح مزاعم المتكبّرين على الشعب :

الشهداء وفدنا ..!

وإذ صار الوفد مسمىً ، والأهداف مكتوبة في لائحة معلقات ساحة التحرير في بغداد وكل ساحات الانتفاضة ، يتناوب على واجهة المشهد الحلبوصي وبرهم صالح في صياغة وإمرار مواثيق شرفٍ باتت موضع سخرية ، يترحّم عليه المتظاهرون ، ويعيدون إنتاج قانون انتخابات فاتها الزمن ، وتعهداتٍ ومواثيق شرفٍ لم تعد لأصحابها ذمة ، أو عهدٌ بالشرف السياسي على مر سنوات حكمهم ، وزمن للوفاء بالعهود ، حين بُليت العهود نفسها وصارت في خبر كان .

ويبقى تساؤلٌ مُضنٍ لمن تنقصه القناعة بعبث الحاكمين وافتقارهم لأي جدية في الرضوخ لإرادة العراقيين الطالبين بالإصلاح والتغيير : هل لبرلمانٍ يحتل فيه نواب رموز الفساد وواجهاتهم مواقع القرار في جميع اللجان البرلمانية إرادة الاقتراب من ملفات الفساد . وهل لمن اختار وصوّت على قانون انتخاب في كل الدورات الانتخابية أن يصوّت على قانون مغاير يتجاوز مصالحه. وهل للمصوّتين على آهلية وزراء وقيادات الدولة التي تعاقبت على الحكم، أن تنحاز لكفاءاتٍ وطنية مشهود لها بالنزاهة والجرأة والحزم في وضع البلاد على طريق المعافاة والحرية والسيادة الوطنية .؟

الساحات اختارت الشهداء وفداً مفاوضاً لها ، فهاتوا وفداً مقابلاً ليس مشتبهاً بالفساد وانعدام المسؤولية الوطنية والنزاهة المالية والأخلاقية....

Top