حسّون الفتى الذي حلّق عالياً ولم يرحل

حسّون الفتى الذي حلّق عالياً ولم يرحل

 متابعة الاحتجاج

من رأى منكم الفتى «حسون»، من استمتع بضحكته الحلوة التي تنشر التفاؤل لدى متظاهري ومعتصمي التحرير؟، من استمع وضحك لآخر قصصه القصيرة الساخرة؟، من تناول منه وجبة طعام المسافر؟، من رآه يبكي عند أداء الأناشيد الوطنية، ومن استمع إليه وهو يغني للحرية وانتصار الثورة؟، من ودعه؟ ومن؟ ومن؟ ومن؟...

آخر الأخبار... زاجل التحرير، حسون، الذي قيل إنه طار، حلّق عالياً، ولم يعد، في طريقه إلى العودة، بعد أن تتشافى جراحه، وإن الراحل فتى آخر يحمل نفس الاسم «حسين علي» كما ظهر في لائحة الطب العدلي.

ويقول حسون وهو في شبه إغفاءة، إنه فوجئ بنشر نعيه وصورته في ساحة التحرير، فيما كان على بعد مليمترات قليلة عن الموت، حيث اخترقت إحدى الشظايا صدره، لتستقر فوق القلب مباشرة، إضافة إلى إصابات أخرى في الصدر والبطن والوجه، وكانت الإصابة «مميتة»، لكنه نجا، وسيعود إلى الساحة حال تماثله للشفاء.

نقض الاتفاق

وعن الحادث الذي أصيب فيه حسون، يقول الناشط في تظاهرات التحرير محمد الزبيدي، إن مفاوضات جرت يوم الأحد 9 مارس، مع ضابط من قيادة عمليات بغداد برتبة عقيد، حول استمرار الاشتباكات عند ساحة الخلاني، وشرحنا له أهمية أمن ساحة التحرير، والهجمات التي تتعرض لها من قبل ميليشيات تخترق قوات الشغب، من جهة ساحة الخلاني، للاعتداء على معتصمي الساحة.

وحرق خيامهم عند نفق التحرير، كما أن «مجزرة السنك» جرت من خلال اختراق ساحة الخلاني، لذلك نعتبر وجودنا فيها ضرورياً، وقد قتل وأصيب العشرات من المتظاهرين، في هذا المكان، الذي نعده ستراتيجياً بالنسبة لأمننا، وطلبنا استبدال قوات الشغب المخترقة، بقوات من الجيش، أو ترك حماية الساحة لنا، إلى حين نشر قوات الجيش.

وتم الاتفاق على ذلك، وانسحبت قوات الشغب فعلاً، وقمنا بنصب خيام الحماية، إلا أننا فوجئنا في ظهيرة اليوم التالي بظهور مفاجئ لقوات الشغب، التي أخذت تطلق النار وقنابل الغاز والدخانيات بكثافة، وبشكل مباشر على المتظاهرين، حيث أصيب زاجل التحرير " حسون " ، البالغ من العمر 13 سنة، وقتل ثلاثة آخرون، من بينهم سَميّه، الفتى حسين علي، وجرح العشرات في عملية غادرة.

تفقد كبار السن

ويضيف الزبيدي، إن الفتى الشجاع "حسون"، محبوب الجميع في الساحة، الذين أطلقوا عليه تسمية «الزاجل»، لسرعته في توزيع الأعلام العراقية على الوافدين، وأداء الواجبات المطلوبة، والعودة إلى «مكانه» في الساحة، لينطلق نحو أهداف أخرى، منها التظاهر، ومساعدة مفارز الطبابة الجوالة، والقيام بأي عمل فيه مساعدة للآخرين.

واشتهر الفتى المرح «حسون» بتفقده كبار السن، وإطلالته عليهم يومياً، فهو يعرفهم جميعاً، ويلبي احتياجاتهم، ويضحكهم بالنكات الطريفة، التي غالباً ما تأتيه على السليقة، وإضافة إلى ذلك، يحضر إلى الصفوف المدرسية، ويتابع من خلال زملائه المناهج الدراسية للصف الأول المتوسط.

رحيل زاجل التحرير

وفي ظهيرة يوم الاثنين الماضي فوجئ الفتى " حسون"، كما فوجئ الآخرون، بهجوم قوات الشغب عليهم، بمختلف أنواع الأسلحة، وأخطرها بنادق الصيد التي تطلق زخّات من القطع المعدنية، التي أصابت «حسون»، وظن زملاؤه إنه فارق الحياة، لشدة الإصابة وغزارة نزيف الدم، ما دفع إلى الاعتقاد بأنه التحق بعشرات الفتيان من أقرانه، الذين فجع بهم الوطن الذي يبحثون عنه. لكنه بعد يوم ظهر في مقطع فيديو، ينفي فيه خبر مقتله الذي تم تداوله من قبل وسائل إعلام محلية وناشطين.

وقال حسوني، في مقطع نشره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، "أنا لم أمت و لازلت حي أرزق". وأضاف أن الذي جرى هو "أني دخلت في مكان خطر وتعرضت للإصابة في منطقة الصدر".

Top