الطرف الثالث يستبيح ساحة التحرير محاكاةً لواقعة الجمل المصرية .

Friday 6th of December 2019 09:22:19 PM ,
العدد : 34
الصفحة : المقالات , متظاهر

يكتبها متظاهر

 إذا كانت  المرجعية قد حذرت في ما يُشبه البراءة ممن يحملون صورها ويضللون الناس  باستخدام عنوانها ، فمن هم الذين يتحدونها، ويقفون وراء هذا التحدي السافر .  ويتجرأون على مواصلة تنظيم " تظاهرات" التخريب ، في محاولة  يائسة " لكسر "  الحركة الاحتجاجية السلمية المطالبة برحيل الطبقة السياسية الفاسدة وإسقاط  منظومتها المحاصصية، حاملة الخراب والويلات التي أصابت الشعب طوال ستة عشر  عاماً من حكمها الجائر النهّاب .

 

لم تعد خافية ، الأطراف التي تقف وراء ذلك وما سبقته من انتهاكات وقنص واستهداف للممتلكات والمؤسسات الحكومية والأهلية ومحاولة حرق النجف واستباحات الناصرية . إنه لا يمكن الإ أن يكون الطرف المتضرر من انتفاضة الشعب . وقد أسفر عن هويته أمس الاول من خلال حملة سكاكينه يهاجمون بها المتظاهرين السلميين . وساعد في تشخيص الجهات المشاركة في تظاهرة الشقاوات وبيّن الخلفية السياسية لمكوناتها ، أحزاباً وتحالفات وميليشياتٍ وشخصيات باعتبارها المسؤولة عما لحِق بالبلاد والعراقيين طوال تسلطهم على مقاليد السلطة ومراكز القرار النافذ التي تُمكنهم من إشاعة الفساد الإداري والمالي في الدولة المتصدعة ونهب ثرواتها واغتصاب إرادة شعبها المغلوب على أمره . وليس هذا ضربُ في الغيب ، فالبيانات الصادرة ، والتعبئة العلنية في جرف الصخر ومدن أخرى ونقلهم في سيارات النقل الحكومية فضحت هوياتهم ونواياهم ، وما جرى الاتفاق عليه في الاجتماعات الليلية وبمباركة أصحاب الأمر والنهي من الجهات العليا التي ما تزال تمسك بسلطة القرار . بل إن الجهات المنُظمة لم تكن تُريد لفعلتها أن تكون سرية ، لأن الغرض المباشر منها هو ترويع ساحات التظاهر والاعتصام وإشعارهم وكل من يطالب معهم بالتغيير

والإصلاح أن " اقتدارهم " يفوق اقتدار السلطة وقواتها المسلحة وأجهزتها الامنية .وهي كفيلة بإجهاض محاولات إسقاط سلطتها وعمليتها السياسية . وقد بات واضحاً أن أي حديث عن طر ف ثالث صار محض محاولة للتستر على المسؤولين عن إدارة الدولة ولو من خلف الستار وتحت تهديد ترسانة أسلحتهم ،

وبيدهم سلطة القرار الفعلي في الحكومة وأجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة .وتتكشف يوماً بعد آخر ، المسؤولية المباشرة للرئاسات الثلاث عن الاستباحات التي استهدفت المتظاهرين السلميين. ويفضح الإدعاء بأنهم لا يعرفون هوية القناصين ، ولا من يقف وراء عمليات الخطف والتعذيب وانتزاع التعهدات ، والاغتيالات والترويع وعمليات الحرق والتخريب والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة . ورغم ذلك ظلت الرئاسات المتخاذلة المغلوبة على أمرها كما يبدو تواصل الصمت إزاء انتهاك الدستور والقوانين . مع أن من صلاحيات رئيس الجمهورية " حامي الدستور " سحب الثقة من رئيس الحكومة إذا ما تجاوز على الدستور نصاً وروحاً ، سواءً بتحريكه للقوات المسلحة وتوجيهها في أي صراعٍ سياسي داخلي أو ، استخدام الرصاص والذخيرة الحيّة ضد المظاهرات للتعبير عن إرادتها بالوسائل السلمية . وكذلك الأمر مع رئيس مجلس النواب،

المُفتَرض أنه " ممثل الشعب " والمدافع عن حقوقه ، والمسؤول عن مساءلة السلطة التنفيذية برئيسها ووزرائها وكل مسؤول رفيع في الدولة عن خروقاتهم الدستورية وانتهاكاتهم للقوانين . وهو لم يكتفِ بعدم القيام بواجبها هذا ، بل عطَّل عن عمد وسابق قصد وبالتواطؤ مع زميليه مطالبة النواب في استجواب رئيس مجلس الوزراء . قد يقول البعض إن من حق كل مواطن ومواطنة التظاهر والتعبير عن وجهة نظره ، لكن هذا الحق مشروط بعدم المساس بحق الغير، وبضمان عدم استخدام هذا حقه  بنية الاعتداء وتعريض حياة الآخرين إلى الخطر . وفي البلدان الديمقراطية تتخذ السلطات تدابير احترازية عديدة للحيلولة دون وقوع مثل هذه الحالات ، وذلك بالفصل بين المظاهرتين خشية التصام فيما بينهما خصوصاً إذا كانا على خلافٍ وتنافر، وتعمد أحياناً الى إبعاد احدهما عن الآخر في موقعين منفصلين . ولكن سلوك دولتنا المريضة سريرياً ، تكشف عن طبيعتها المعادية لحقوق الإنسان ، وغير الآبهة بحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم فتقوم هي بتنظيم مظاهرات تخريبية ، وتُرسل عصابات ومرتزقة الاندساس بين المتظاهرين وساحات الاعتصام للاعتداء عليهم والعمل الضال لإجهاض انتفاضتهم وكسر شوكتها ، وإظهارهم بمظهر المعتدي واستفزاز الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة وتبرير إطلاق الرصاص عليهم ..

ومن حظ المعتصمين في ساحة التحرير ، أن صاحب ما ننطيها أخطأ هذه المرّة بفعلته ، لأنها فضحته وسلطت الضوء على عليه باعتباره واجهة من واجهات الطرف الثالث .