قيادات تدور حول نفسها وتتجاهل عنفوان ساحات الاحتجاج..

Wednesday 4th of December 2019 09:00:32 PM ,
العدد : 32
الصفحة : المقالات , متظاهر

يكتبها متظاهر

فيما تستمر  ساحات التظاهر والاعتصام برفع شعار التغيير وتأكيداتها على مواصفات رئيس  الوزراء المقبل، ورفض اي مرشح تطرحه الاحزاب والكتل من النخبة الحاكمة،  تعقد الاحزاب المذكورة اجتماعات ليلية في منزل احد قادتها للبحث في المرشح  المقبول من اطرافها، وكأنها لا تزال صاحبة القول الفصل في تقرير مصير  البلاد، ولا وجود لساحات الاحتجاج التي انتقل مركز القرار الى شبابها.

 

والملفت ان هؤلاء القادة يتصرفون وكأنهم في حالة سبات عما يدور حولهم، وما ينجم عن  الزلزال الدموي الذي عصف بأحلامهم، وأسفر عن تغيير قواعد اللعبة السياسية التي كانوا ينفردون بها، ويديرونها كيفما شاؤوا، وكيفما اقتضت مصالحهم وهيمنتهم ونهبهم للمال العام.

وما يؤكد هذه الحالة السباتية لقادة الصدفة والفساد، الاسماء التي يتداولونها، وحيثيات سيرة وانتماء وماضي كل منهم، وهي دون استثناء ليست منزّهة بهذه الدرجة او تلك من شبهات الانخراط   في مواخير الفساد والرشوة والعبث بالمال العام وتعميق معاناة الناس بحرمانهم من ابسط الخدمات والحقوق والحياة الكريمة. وقد يدخل هذا الاختيار أو ذاك من المالكي او هادي العامري أو سواهما في باب الاجتهاد وهذا من حقهم، ولكن ان يتخذ هذا الاجتهاد طابع الاستفزاز والضحك على ذاكرة العراقيين، فليس له الا أن يرتد عليهم ويعصف بهم ولن ينتج عنه غير المزيد من التضحيات والبسالة والإصرار على التغيير كما أكدت عليه شعارات ساحات الاعتصام وتنسيقياتها. ويبدو البعض منهم ان لم يكن كلهم على دراية بأن مناوراتهم مكشوفة للجميع. والا كيف يتجرأون على تقديم اسماء فاقدة الصلاحية والشرعية ليس لانهم من بين رموز المنظومة الحاكمة والفاعلين فيها والمؤتَمرين بكل أمرٍ يأتيهم "بِلَيل"، بل انهم متدفئون في معاطف اولي الامر والنهي، ومهمتم المرسومة لهم سلفاً هي اعادة انتاج ما تضرر من رصيدهم وبناء سواتر تحميهم من عواصف تستهدف نظام الفساد والمحاصصة.

انهم ظلوا كما كانوا وجُبِلوا عليه، يتصرفون باستعلاء  دون أن يكون في رصيدهم ما يبررالاستعلاء والغُلو إذ يتوهمون بانهم نعمة الله على العراقيين، بما هم عليه من كفاءة ونزاهة وخبرة في الحكم، وتَجَرّدٍ من كل عيبٍ صاروا نماذج ومسمياتٍ له، من لصوصية وفسادٍ وتعدياتٍ وجهل فاضح. ولو لم يكونوا كل هذا واكثر، كيف لا يدركون أن من بين العراقيين فيض من الكفاءات الوطنية المؤهلة النزيهة، لهم القدرة على ادارة الدولة والارتقاء بها الى مصاف الشعوب والامم المتطورة. ان القيادات التي تتوهم انها الأقدر على الاختيار والأصلح لانقاذ البلاد مما صارت عليه من انحدارٍ ورثاثة وضيم وإفقار يكفي ما يؤكد جهلها بما يدور حولها، تجاهلها "للمخرجات" كما يحلو لها القول، الكفيلة بالخروج من الازمة المتفاقمة وتجنب اعادة انتاجها. وهي مخرجات تحتاج الى اقتناعها بأن نظامها المتهرئ فقد صلاحيته، وأن حواضنها لم تعد قابلة لتقديم بدائل على قامة العراقيين وسويتهم الوطنية، وان السبيل الضامن لتحقيق ذلك هو الاصغاء لأصوات أولياء الشهداء والدم المسفوك في ساحات الاحتجاج، والبحث بينهم وفي محيط من يرون فيهم "الكفاءة والنزاهة والوطنية" لادارة العراق بما يُكفّل لهم استرداد وطنهم المغتصب واعادة بنائه.

العراق أم الحضارات الممتدة في عمق التاريخ، وقد كان على الدوام، كما هو عليه الآن مصدراً للثروات والخيرات، مثابةً للإبداع والخلق وعبقرية المكان، لا يفيض اناؤه لأنه يظل يتسع بالعلم والمعرفة والثقافة والإبداع والقيم الانسانية.!