بالمكشوف: رجال دولة العالم السفلي

Sunday 23rd of February 2020 08:46:00 PM ,
العدد : 110
الصفحة : المقالات , علاء حسن

 علاء حسن

اعتاد العراقيون على اطلاق مفردة "لا يا مَغَسول " على من ارتكب فعلاً شائناً، أو "مكسورة لا يلبس عليها عكال"، للتعبير عن استيائهم من ممارسات تخترق الأعراف وقواعد السلوك الاجتماعي السائد.

المفردة مشتقة من "المغيسل" ، مكان غسل جثث الموتى قبل دفنهم ، و"مَغَسول البخت والحظ" شخص يثير المتاعب فيعد بنظر الكثيرين ، مصدر إثارة شغب ومشاكل ، لا ينفع معه النصح والإرشاد ، فتفرض عليه العزلة عندما تفشل محاولات إصلاحه . 

المشكلة العراقية تتلخص بدخول "المَغَسول " إلى العملية السياسية ،وبقدرة قادر امتلك مفاتيح اللعبة ،وإتباعاً على استعداد لحمله على الأكتاف حتى موعد انتقاله إلى جوار ربه ، هذا النموذج في ظل أوضاع سياسية مختلة، مع أداء حكومي هزيل استطاع تصدر المشهد بعد عالم ألفين وثلاثة ،فيما يقبع أتباعه في قعر العالم السفلي.

الزعيم السياسي الراحل أحمد الجلبي ،قبل وفاته بأشهر قليلة ، قال في حديث متلفز لفضائية أجنبية إن العراق يفتقر إلى رجال الدولة ،ومن شغل الساحة السياسية يمثل المذهب أو الطائفة و العشيرة . الجلبي مؤسس البيت الشيعي ،دافع عن فكرته في تحقيق الاصطفاف المذهبي، بتشكيل تنظيم سياسي، يهدف إلى رفع الحيف عن مكون اجتماعي ،تعرض للتهميش منذ مئات السنين . المرحوم الجلبي المعروف بحنينه إلى النظام الملكي مع عشرات من السياسيين الحالين ، كان في مقدمة ضحايا البيت الشيعي حين فشل حزبه في تحقيق تمثيل واسع في أول دورة تشريعية ،أنتجت حكومة مصابة بإمراض مزمنة.

القوى الفاعلة في الساحة العراقية بزعامة "المَغَسول " وأمثاله ، مدى نظرها لا يتعدى تقاسم السلطة مع الشركاء ، تدعي امتلاكها الحق في قيادة نظام الحكم برجال دولة من صنف سوبر ستار ، لم يذكرهم المرحوم الجلبي في حديثه المتلفز.

في نسخة العراق الديمقراطية ،رفض زعماء أحزاب شغلوا مناصب في الحكومات السابقة التخلي عن امتيازاتهم . يقول المطلعون على خفايا المنطقة الخضراء إن رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي مازال يشغل القصر الجمهوري ، وهناك مسؤولون آخرون لطالما أعلنوا التزامهم بمبدأ التداول السلمي للسلطة يرفضون التخلي عن مكاتبهم ومنازلهم وامتيازاتهم وليس من المستبعد تسجيلها بأسماء ورثتهم. ربما يصلح هذا المثال للكشف عن رجال الدولة بحسب التصنيف العراقي السائد . 

"المَغَسول " انتحل صفة رجل الدولة ليحافظ على بقائه في السلطة ، فيما لم يشعر بعد بأن قادته الشعبية تخلت عنه، والتحقت بساحات التظاهر. لعلها تستطيع صناعة رجال دولة حقيقيين ، يغلقون بوابات العالم السفلي.