ماذا يريد المتظاهرون ؟

Sunday 23rd of February 2020 08:40:35 PM ,
العدد : 110
الصفحة : المقالات , سعدون محسن ضمد

 سعدون محسن ضمد

نشر الكاتب والصحافي، عامر بدرحسون، على صفحته الشخصية المنشور التالي:

……………

سؤال هو: ماذا يريد المتظاهرون كي يعودوا إلى بيوتهم؟

وكيف ينوون تحقيق ما يريدونه؟ 

……………

السؤال للوهلة الأولى يبدو وكأنه يخفي بطياته استخفافاً بالمتظاهرين، أو إيحاء بأنهم من دون هدف، لكنني أثق بأن هذا الغرض لا يدور في خلد الكاتب، ولذلك أحببت أن أعلق عليه، فأقول:

أولاً: هناك فرق بين التظاهرات التي تقودها الأحزاب أو النقابات، وبين التي تخرج بشكل عفوي، فالأولى تمثل شرائح متجانسة، بينما الثانية تثمل شرائح غير متجانسة بل قد تكون متعارضة في الأهداف والمنطلقات. فلدينا طلبة يبحثون عن تعيينات، وفقراء مهمشون لا يجدون ما يأكلونه، ونخبة مستاءة من حال البلد، من أطباء ومحامين ومهندسين وغيرهم، ولدينا سياسيون يساريون ويمينيون لديهم اعتراضاتهم، ولدينا غيرهم، فهل يجوز أن نوجه لكل هؤلاء مثل هذا السؤال؟!

الأمر يشبه أن يجتمع مجموعة محتجين فيهم من سُلبت ملابسه، ومن هدمت داره على اطفاله، ومن لا يجد علاجاً لمرضه، ومن لا يجد طعاماً لعياله ومن يريد أن يتزوج أو يشتري سيارة وووو وكانوا يصرخون بصوت واحد تعبيراً عن أوجاعهم، فجاءهم مراقب مسترخٍ جداً، وسألهم، ماذا تريدون؟

حسن، هم يريدون كل شيء يا سيدي، حرفيّاً يريدون كل شيء.

ثانياً: ليس من واجب المحتجين في بلد كالعراق أن يقترحوا حلولاً، أولاً لأن المشاكل مستحكمة جداً، ثانياً، لأن إيجاد الحلول واجب المسؤولين ممن يأخذون الامتيازات لإيجادها. عندما يستحكم الخراب يثور الشعب فيضغط على المؤسسات المعنية لتأخذ دورها، وهذا هو التطبيق الأمثل للرقابة الشعبية الذي تقوم به الشعوب الحيَّة.

ثالثاً: هذا السؤال يمكن أن يوجه إلى متظاهرين في دول مستقرة تكون شكواهم من حالات ومشاكل محددة، أو قابلة للحصر. ولا يعقل أن يوجه إلى متظاهرين في بلد كالعراق، تحول إلى مرتع عصابات تحترف السرقة والقتل إلى درجة تمكنت فيها من إخصاء جميع مؤسسات الدولة الامنية والقانونية والرقابية، بلد تصول وتجول فيه دول الجوار وتتحكم بقراراته ومصيره، ومثل هكذا بلد يتحول إلى عقدة مستحكمة، لا يستطيع أن يحلها حتى أكبر عباقرة العالم. وبعد ١٧ سنة من الخراب لا بد أن يخرج الناس وهم يصرخون من الغيض والحنق والألم، فهل يعقل أن تسألهم ببرود: ماذا تريدون وكيف تنوون تحقيق ما تريدونه؟

حسن يا سيدي، هم يريدون أن يخرج جميع اللصوص والقتلة والعملاء من وطنهم ويتركوهم يعيشون بسلام، لكن هذا يعني حرباً ضروساً على عصابات تملك المال والسلاح وهي مدعومة من دول عالمية وأقليمية قوية جداً.

فهل تنصحهم بالعودة؟ طيب، لكن عليك قبل ذلك أن تضمن سلامتهم من ملاحقة العصابچية، ثم تقترح عليهم حلّاً بديلاً للاحتجاجات يعالجون بها المشاكل التي خرجوا لعلاجها وتعتقد أنهم لن ينجحوا.

بالمناسبة، الساحات طرحت مطالب، لكن تم التعامل معها بخبث ودناءة، من أجل شيطنتها. مثلاً طرحت مواصفات لرئيس الوزراء المكلف، ألا يكون متهماً بقضية فساد، وغير مشارك بالحكومة والبرلمان، ولا يحمل جنسية أخرى، فكلّف رئيس وزراء متهماً بالفساد ولديه أكثر من جنسية ومشترك بالبرلمان والحكومة، وهذا تعامل خبيث مع المطلب، الغرض منه هو أن ترفضه الساحات، فتُتهم بأنها تعترض لأجل الاعتراض، فتوجه لها أسئلة كهذا الذي طرحته؟!