الصورة كما أراها

علي بداي 2019/12/29 08:48:45 م

الصورة كما أراها

 علي بداي

الأحزاب ، ورؤساء العشائر، والمرجعيات، هذه كلها كيانات مبنية على إفتراض واحد هو قصور الإنسان عن قيادة نفسه وإنعدام قدرته على معرفة حقوقه وواجباته،

لذلك توجب في العصور القديمة أن توجهه وتقوده قوة رادعة بشكل تعاليم "سماوية" مخيفة أو رئيس عشيرة قوي ..إنسان البلدان التي تحضّرت قبلَ التحدي الأكبر قال: أنا لدي عقلي، لاأحتاج كاهناً ولا شيخ عشيرة يملون عليّ ما أعمل، الدولة للجميع أما الدين فللفرد، وهكذا صار الدين خياراً شخصياً محترماً لايمسه أحد بسوء، وإختفت العشيرة وأفخاذها وحل محلهما القانون المدني الصارم الذي يسري على الجميع وعاش القوم سعداء يتطورون كل سنة وشهر وأسبوع ويوم ودقيقة وثانية ..

الصورة التي أراها أننا في العراق المنتفض، أمام تحول تأريخي يشابه تحوّل الأوروبيين من مرحلة السبات وسيطرة الكنيسة الى النهوض. دققوا معي في الصورة سترون أن الذي مزق أمعاء الحكام لصوص الدين وليست مطالب المعتصمين السياسية بقدر قابليتهم الهائلة التي فاجأوا الجميع بها عندما نظموا حياتهم ببراعة ، وناموا الليالي في العراء بإصرار، وأثبتوا بالدليل العملي إنعدام وجود الشياطين بين الرجال والنساء بل الاحترام والتقدير ووحدة الهدف، وعاشوا على الكفاف متساويين، متكافلين، مرحين، تواقين لبناء عالم عادل رغم تجول الموت بين أرجلهم،

فهذا كله يعني إنتفاء حاجة الشعب لسلطة المشرف الكاهن ورئيس العشيرة والحاكم المستبد . بإختصار نحن في طور ولوجنا عصر النهضة التي تجعل الحاكم موظفاً لدى الشعب والدين شأناً شخصياً محترماً لا علاقة للدولة به..عصر المجتمع الذي لايجعل من السلطة مصدر ثراء ولا من الدين مصدر قمع وغنى ..لاتقدم لأية أمة بدون ذلك.. فلا تساهُل!

Top